مساعدات بملايين الدولارات آتية إلى لبنان… كيف ستنفق؟
اخبار سعر صرف الدولار في لبنان
ينتظر المجتمع الدولي أن ينتهي لبنان من استحقاقاته الدستورية التي بدأت بانتخاب رئيس للجمهورية وتكليف رئيس حكومة وتستمر اليوم بتشكيل حكومة متناسقة، ليبدأ بسلسلة اجراءات ومؤتمرات ومبادرات لمساعدة لبنان مالياً وخصوصاً أنه يعاني منذ مدة طويلة من انهيار مالي وتدهور اقتصادي كبير.
لا شك في أن نجاح لبنان الرسمي، بدعم دولي ملحوظ، في تخطي جموده السياسي وتمرير الاستحقاقات الدستورية في الأسبوعين الفائتين، أثار موجة من التفاؤل، تبعها نشاط ديبلوماسي كثيف توّج بزيارات لرئيس جمهورية فرنسا ايمانويل ماكرون والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط وغيرهم.
أما ما هو مرتقب وواعد فهي الزيارة المقررة للرئيس جوزاف عون إلى السعودية قريباً، لكن كل هذه المعطيات تنتظر تشكيل حكومة لتُترجم على أرض الواقع، وتشير معلومات من مصادر ديبلوماسية إلى أن المبادرات سترتكز على حكومة توحي بالثقة، تكون منسجمة وتعمل كفريق عمل، لا أن تغرق كسابقاتها في مستنقع الخلافات الداخلية. والأهم لدى المجتمع الدولي هو قيام الحكومة العتيدة بسلسلة اصلاحات طال انتظارها، بما في ذلك خطة التعافي المالي الشفافة وتدابير مكافحة الفساد.
وليس سراً أن المجتمع الدولي مُطلع جداً على ما حصل في لبنان منذ تشكيل حسّان دياب حكومة تكنوقراطية عكست المصالح الضيقة والشخصية للطبقة السياسية الفاسدة في لبنان. وقد تخلّفت حكومة دياب عن سداد ديون سندات اليوروبوند اللبنانية، ما تسبب في فقدان وكالات النقد الدولية الثقة بمصداقية لبنان المالية. وخاض الرئيس نجيب ميقاتي مسيرة طويلة في إطار حكومة تصريف أعمال وسط حرب ضروس بين اسرائيل و"حزب الله" قضت على ما تبقى من مقوّمات في الدولة اللبنانية، وأدت إلى تدمير مدن وبلدات وقرى بالكامل وخصوصاً في الجنوب والضاحية الجنوبية والبقاع.
ويعلم المجتمع الدولي، وفق المعلومات المتوافرة من مصادر ديبلوماسية، أن لبنان يحتاج اليوم إلى إعادة ترتيب بيته الاقتصادي بعد الانهيار المالي الحاد وانخفاض قيمة عملته الوطنية بصورة حادة. ووفقاً للبنك الدولي، تكبّد لبنان 8.5 مليارات دولار من الأضرار المادية والخسائر الاقتصادية كتكلفة لحرب اسرائيل و"الحزب".
وتؤكّد المعطيات أن المجتمع الدولي يثق بالرئيسين جوزاف عون ونواف سلام، ولا يشك بإرادتهما الصادقة في إعادة إنهاض لبنان على قدميه بعد عقود من الشلل السياسي والانحدار الاقتصادي. وهذا ما أكّده غوتيريش عندما أعلن في لبنان أن المجتمع الدولي على استعداد للمساعدة في إعادة بناء الثقة والاستقرار والازدهار الاقتصادي، وأبدى استعداده لتوسيع البرامج التي تدعمها الأمم المتحدة والتي تركز على الأمن الغذائي والتعليم وإصلاحات الحكم. وكشف ماكرون عن حزمة مساعدات جديدة بقيمة 500 مليون دولار تهدف إلى تنشيط القطاعات الرئيسية، بما في ذلك الطاقة والرعاية الصحية والتعليم. كذلك تعهدت دول الخليج باستثمارات في البنية التحتية والتجارة لتحفيز النمو، مع التركيز على إعادة بناء موانئ لبنان وتعزيز الاتصال الاقليمي.
أما المعلومات الواردة من السعودية فتشير إلى أنه سيُعلن خلال الزيارة المقبلة لعون إلى السعودية، عن رفع الحظر عن الصادرات اللبنانية وزيارات المواطنين السعوديين إلى لبنان. وسيتم توقيع 22 اتفاقية في مجالات عدة مثل التجارة والملكية الفردية وحماية المستهلك والحبوب والبيئة والزراعة والمياه والاعلام والتربية والاستثمار في النقل البحري والدفاع المدني والقضاء والتعاون بين مصرف لبنان ومؤسسة النقد العربي السعودي، إضافة إلى التعاون في مجال الدفاع العسكري ومكافحة الإرهاب ومنع التهرب الضريبي، وأخيراً اتفاقية تعاون بين المديرية العامة للطيران المدني في لبنان والمملكة العربية السعودية.
واللافت أن السعودية التي ستكون لها اليد الطولى في إعادة إعمار ما تهدّم في لبنان بعد حرب اسرائيل و"حزب الله"، لعبت دوراً أساسياً في حثّ النواب اللبنانيين على انتخاب العماد عون رئيساً، وكانت مسألة انتخابه ورقة ضغط على كل القوى السياسية اللبنانية، وفق مصادر ديبلوماسية مطلعة، بل شرط لمساعدة لبنان على التعافي، وهذا ما ينسحب على دول أخرى في مجلس التعاون الخليجي التي ستتولى مساعدة الحكومة اللبنانية الجديدة بمجرد تشكيلها.
ويبقى السؤال: هل يبدأ لبنان مسيرة النهوض وكبح التضخم في الأسعار والبطالة والفقر المنتشر على نطاق واسع؟