تلزيم ركام الضاحية بـ 3.65 دولارات للمتر المكعب
اخبار سعر صرف الدولار في لبنان
مع فوز شركة «البنيان» بعقد إزالة الردم في الضاحية الجنوبية، منفردة، يُطوى ملف أساسي يمهّد لبدء إطلاق مرحلة إعادة الإعمار. فوز هذه الشركة جاء بعد مشاركة 16 عارضاً في استدراج العروض الذي أطلقه اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية، متجاوزاً التلزيم بالتراضي الذي استحوذ على نقاش واسع بشأن الكلفة. إذ كان عدد من المقاولين يسعى للفوز بتسعيرة تتراوح بين 8 دولارات و11 دولاراً للمتر المكعب الواحد، بينما أسفر استدراج العروض عن فوز بكلفة 3.65 دولارات للمتر المكعب الواحد قبل ضريبة القيمة المضافة، وهو السعر الأدنى الذي عرضته شركة البنيان.
في الأسابيع الماضية، احتدم النقاش بشأن أسعار تلزيم إزالة الردم الناتج من العدوان الإسرائيلي على مختلف المناطق اللبنانية. تمحور النقاش حول مسائل متصلة بمسافة نقل الركام، بين نقاط وجوده ومواقع الردم، إذ يختلف الأمر بين مناطق الجنوب والبقاع، حيث تكون المسافة أطول، وفي الضاحية الجنوبية حيث تكون المسافة أقصر. كذلك، نوقشت مسألة فرز الركام وكمية الناتج المستخرجة التي سيعاد تدويرها باعتبارها ستدرّ مبالغ إضافية للمتعهد، وأن كميات المواد الناتجة من ركام الضاحية أكبر بكثير من تلك الناتجة من ركام سائر المناطق. في هذا الوقت، كان الاستشاري خطيب وعلمي قد أعدّ تحليلاً للأسعار يفيد بأن هدم وإزالة ركام المباني المهدمة خارج المدن تبلغ 3.65 دولارات للمتر المكعب الواحد كحدّ أقصى، وأن كلفة المتر المكعب الواحد في المدن تبلغ 5.01 دولارات كحد أقصى. حدّدت هذه الأسعار على أساس أنه سيتم التلزيم بالتراضي «وفي حال عدم وجود رغبة للتعاقد وفق هذه الأسعار يصار حينها إلى إجراء مناقصة عمومية بحسب الأصول والالتزام بنتيجتها».
سقوف الأسعار كما حدّدها الاستشاري، لم تكون كافية للمتعهدين، إذ حاول بعض المقاولين إقناع وزير الأشغال علي حمية بضرورة التراجع عن هذه الأسعار باعتبارها غير واقعية. وإثر فشل محاولتهم، عمد اتحاد بلديات الضاحية إلى إطلاق استدراج عروض أسعار، داعياً المتعهدين المختصّين بتنفيذ أشغال أعمال الهدم وإزالة الركام، إلى تقديم أسعار للقيام بهذه الأشغال وفقاً لدفتر شروط اعتمد من قبل مجلس الوزراء (أعدّه الاستشاري خطيب وعلمي) بموجب القرار الرقم (3) تاريخ 17/12/2024. وحدّد الاتحاد مهلة تقديم العروض بين 23/12/2024 و3/1/2025، أي لنحو 12 يوماً، على أن يتم فضّ العروض ظهر 3/1/2025. ومنح المشاركون المحتملون فرصة للاستيضاح بشأن هذا التلزيم حتى يوم الجمعة 27/12/2024.
وبحسب محضر لجنة التلزيم التي عقدت في مركز اتحاد بلديات الضاحية، برئاسة زهير جلول وعضوية حسان الموسوي ولؤي علاء الدين، فقد سجّل في قلم الاتحاد 16 عرضاً. «وبعد الاطلاع على المستندات الموجودة داخل مظاريف العروض ومقارنتها مع المستندات والمؤهلات المطلوبة التي يجب أن تتوافر لدى العارضين، تبيّن أن الشركات المؤهلة هي سبع: شركة البنيان للهندسة والمقاولات، شركة الأرز للتعهدات والتجارة، مؤسسة أبو سعدى إخوان، شركة المهندس إيلي معلوف، مؤسسة صلاح الدين عضاضة، شركة حنا الخوري للتجارة والمقاولات ومؤسسة ASD».
بعد دراسة العروض الإدارية والفنية وتصنيف الشركات السبع المؤهلة للمشاركة بحسب ما هو مطلوب في دفتر الشروط، انتقلت اللجنة إلى العروض المالية بالاستناد إلى جدول تحليل كلفة سعر المتر المكعب الواحد لهدم وإزالة الركام. وتبيّن أن العرض الأدنى أتى من شركة البنيان بسعر 3.65 دولارات للمتر المكعب الواحد قبل ضريبة القيمة المضافة (11%) و4.05 دولارات بعد إضافة ضريبة القيمة المضافة، أما أعلى الأسعار من بين المؤهلين فقد جاء من مؤسسة صلاح الدين عضاضة التي حدّدت سعراً للهدم وإزالة الركام بـ 7.3 دولارات قبل ضريبة القيمة المضافة.
رغم هذه الآلية الواضحة، إلا أن عدداً من المتعهدين أثار الأمر في جلسة نقابة المقاولين، باعتبار أن العرض الأدنى انعكس سلباً على الآخرين في عروضهم المتعلقة بباقي المناطق، إذ جاء أدنى من السعر الاسترشادي أو السقف الذي حدّده الرئيس نجيب ميقاتي بناءً على دراسة الاستشاري، بنسبة الثلث تقريباً. وبحسب المعطيات التي نوقشت مع المتعهد الفائز، فإن سعره متدنٍّ لأنه لم يعتمد في تسعير الأكلاف على عمليات النقل والفرز وسواها، بل كان يعتمد بشكل أساسي على الناتج من الردم والمقدّر بأن يكون بمعدل 80 كيلوغراماً من الحديد في كل متر مكعب من الردم، وهذا يحسب على أساس 1.52 مليون متر مكعب من الردم الناتج من مباني الضاحية. ويقدّر أن طن خردة الحديد يباع بسعر 240 دولاراً، وبالتالي فإن مصدر الربح الأساسي سيأتي من الناتج لا من عمليات الهدم والفرز والنقل.
وبحسب المعلومات، فإن محافظ جبل لبنان صادق على نتيجة التلزيم يوم الجمعة الماضي، وبالتالي سيتم تبليغ المتعهد المباشرة بالأعمال فوراً. وسيحتاج المتعهد إلى أسطول كبير من الشاحنات ومن الآليات الضخمة للجرف وتعبئة الردم وتكسيره، وسيتم نقل الردم في محطته الأولى إلى موقع في الأوزاعي حيث سيتم فرزه تمهيداً لنقله إلى مكب الكوستابرافا، كما حدّد مجلس الإنماء والإعمار. إذ إن قراراً سابقاً لمجلس الوزراء قضى بأن يتم توسعة مطمر الكوستا برافا وردمه بنحو 750 ألف متر مكعب على مساحة مسطحة تبلغ 150 ألف متر مربع.
وبذلك، فإن كلفة ركام الضاحية ستبلغ 5.5 ملايين دولار، علماً أن التقديرات كانت تشير إلى أن الكلفة ستبلغ 10 دولارات للمتر المكعب الواحد قياساً على ما دفع إبان عدوان تموز 2006.